الخزاعلة .. نجم أفل وفارس ترجل
نبأ الأردن - كتب علي السردي - مع آخر أيام الشهر الفضيل ومع اطلالة ليلة العيد انتقلت الى الرفيق الأعلى روح الرجل الطاهر، الذي عرف بشجاعته ومواقفه البطولية
الرقيب أول البطل احمد محمد فضل أبو عرقوب الخزاعلة " ابو ايمن".
هو بطل حقيقي من أبطال معركة الكرامة والحروب العربية الإسرائيلية.
وحسب ما كتب المؤرخ الدكتور ياسر الخزاعلة، فقد قال "أبو أيمن" للأعداء في الكرامة : "لن تمروا إلا على جثثنا"
الولاء
المهارة الحربية.
المهارة العالية.
الكفاءة الإدارية.
الإيثار.
عشق الوطن.
عشق القيادة الهاشمية.
وتالياً بقية ما كتبه المؤرخ الخزاعلة عن البطل، المرحوم، احمد محمد فضل أبو عرقوب الخزاعلة :
سيرته تستحق الدراسة والبحث ، لا بل تستحق أن تدرس في مادة التربية الوطنية في المدارس والجامعات الأردنية العامة والخاصة، وذلك بسبب تميزه، وبطولته خاصة في معركة الكرامة التي دارت رحاها في بلدة الكرامة الاردنية والتي سطر فيها جيشنا العربي المصطفوي أروع قصص الملاحم البطولة والفداء والبذل والصبر ، ولقن العدو الصهيوني درسا قاسيا لم ولن ينساه قادة العدو الصهيوني آنذاك وعلى رأسهم غولدا مائير، ومناحيم بيغن ، وموشيه ديان،ورابين وبيرس واصدقائهم من الأمريكان والروس وأوروبا وصهاينة العرب ، واستطاع أبطال الجيش العربي ومنهم بطلنا الرقيب أول احمد محمد فضل أبو عرقوب من تمريغ أنوف الصهاينة في التراب وتحطيم اسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.
بطلنا ابو ايمن هو من مواليد عام 1946، ومذ كان في طفلا صغيرا كان يعشق الجندية،فعندما كان عمره ست اعوام ،سكن والده بحكم عمله في الجيش في عمان، مجاورين لمعسكر تجنيد وتدريب اﻷغرار في العبدلي، وكان يدخل الى المعسكر ويراقب تدريب المجندين بصمت كل حركات المشاة واﻷسلحة ، حتى ان كبار المدربين كانوا يجعلوه يطبق الحركات امام الجنود حديثي الخدمة واكثر من مرة يصدر قائد المعسكر والذي هو ضابط انجليزي برتبة رائد ويدعى ولدن بك Waldon بإخراجه من المعسكر إلى ان شاهده يومآ وهو يطبق حركات المشاة امام عدد من طوابير المجندين فأعجب به جدآ.
درس في مدارس الثقافة العسكرية، حيث كان ينقل الطلاب باص من القوات المسلحة ،كل تلك الأجواء العسكرية ولدت عنده حب شديد للجندية .
وفي عام 1962 وبينما كان يدرس في مدرسة الثقافة العسكرية في الزرقاء علم ان هناك لجنة لتجنيد تلاميذ دروع ، حمل كتبه وهب مسرعا لمكان اللجنه، لكن رفضت اللجنة تجنيده ، واعتذروا مالم يحضر شهادة الميلاد ، د وايضآ فقد تم رفضه لصغر سنه ، وفي نهاية الأمر، وبعد محاولات عديده تم قبوله أخيرآ بعد ان شاهدوه يبكي بكاء شديدا وتم تجنيده.
أخذ ومن معه من المجندين إلى منطقة تدريب العبدلي، وبعد ان نجح بالفحص الطبي جاءه والده يرجوه أن يعود معه إلى بيته وينصحه ،وذلك لصغر سنه ، اﻻ ان حبه للجندية كان أكبر من ذلك.
بعث الى مركز الدروع الملكي بالزرقاء واجري له فحص ثقافة ، ونجح به مع الذين تم اعفائهم من الدراسة الثقافية، والذين استمروا بالدراسه ﻷكثر من عام وعامين وثلاثة اعوام.
وبعد ذلك أدخل دورة المشاة واﻷسلحة، وصيانة وسواقة السيارات ، وصيانة وسواقة الدبابات ، ودورة مدفعية، ودورة ﻻسلكي ، وتدريب الرياضة والحواجز ، وفي 30 تموز 1963 تخرج والتحق بكتيبة الدبابات/3 الملكية، والتي سميت ب (أم الدروع) وبسبب نشاط بطلنا "ابو أيمن " الزائد رغب المرحومين نقيب صالح ابو الفول الغويري والنقيب خالد هجهوج رحمهم الله آنذاك بان يتخرج ويلتحق ابو أيمن بمركز الدروع ، الا إنه رفض ذلك، حيث فضل ان يكون مع عدد من زملائه في الوحدات المقاتلة ، والذين التحق قسم منهم بالدبابات ال4 الملكية.
شارك الرقيب أول احمد محمد فضل ابو عروقي بعدد من الدورات بالوحدة وحصلت على س.م.ش درجة 3 ثم 2 ثم درجة اولى، شارك بالمناورات العسكرية، وشارك في حرب 1967 ، وكان له موقف بطولي لاينسى ، وكان قائد السرية فاضل باشا علي فهيد السرحان الذي كان برتبة نقيب آنذاك، حيث كانت حركة المقاتلين إلى شمال مدينة اريحا، وهناك هاجمتهم الطائرات اﻹسرائيلية، وقد اصيبت دبابة الرقيب أول احمد ابو عروقي، والتي كان سائقها عبدالله فارس من تبنه وكان هى ما آنذاك الجندي أول احمددرويش الحمايدة ،وكان هو وعبدالله فارس مدفعيان، فأخذوا يقاومون الطائرات بالرشاشات ال500 فقصفت دبابته من الغارة الجوية ، وكانت اﻹصابة انصهار احد عجلات الدبابة ، وتعطيل العجلات الرافعة للجنزير ، وبعد ان تعطلت الدبابه عن الحركة أمروا بترك الدبابة وسائقها والتحقوا بالدبابات اﻷخرى واستمروا بالحركة للشمال الغربي ، وبعد قطع مسافة كبيرة، استدعاهم قائد السرية وأرسل الرقيب أول احمد ابو عرقوب الى دبابته المعطلة كي يحاول تحريكها، وإذا تعذر تحريكها ان يقوم بتفجيرها كي ﻻ يغتنمها العدو ، وهم مسرعا إلى موقع الدبابة ظنآ منه ومن قائد السرية ان المسافة قريبة ، اﻻ أنه لم يجد الدبابة، حيث حزن حزنا شديدا حيث كان ﻻيرغب ان يعود ولم ،ينفذ اﻷمر، اخيرآ عاد بعد ان غابت الشمس، وقد انقذه ، قائد السرية نفسة ، واﻻ وقع اسيرآ او تم قتله، وقد اعتذر منه قائد السرية لأنه لم يعلم عن طول المسافة التي قطعها بطلنا الرقيب أول احمد ابو عرقوب، ﻷنهم كانوا اثناء المسير يقاومون الطائرات المغيرة ،
اما دبابته المصابة فكان سائقها عبدالله فارس التبناوي قد تحمل التعب والجهد المضني وتمكن من انقاذها.
وكانت كتيبته قد شاركت في حرب حزيران 1967 ، تلك الحرب التي خسر بها اﻻردن الضفة الغربية، وخسرت مصر سيناء ، وخسرت سوريا الجوﻻن، وقد حدثت بعد ذلك حرب استنزاف وعاشت الأردن في فترة مابعد الحرب مع اسرائيل ماسمي بحرب اﻹستنزاف ، اذ ان اﻹعتداءات المعادية في اغلب اﻷوقات،
وقدقام الملك الحسين بن طلال " رحمه الله" قد اعاد تنظيم جيشنا بزمن قياسي،وكان واجب كتيبة البطل الرقيب أول احمد ابو عرقوب من جسر اﻷمير محمد "داميا" شماﻵ الى البحر الميت جنوبآ،
وكان بالفصيل احتياط، ومكانه بالقرب من قصر ابن عدوان شمال غرب سد وادي شعيب.
وفي يوم الكرامة سلم بطلنا مناوبة الساعة 12مساء ، كان اليوم اﻻربعاء، وكل شئ طبيعي، وفي الساعة الخامسة من صباح الخميس 21 آذار 1968 خرج من المهجع ، واتجه شماﻵ لكي يتوضأ لصلاة الفجر ، وكان احد سائقي السيارات فارشآ سجادته للصلاة وواقفآ عليها ففاجأه بقوله بأن هناك دبابة قريبة يا أحمد فنظرت خلفي واﻻ بدبابة غريبة خلفهم يختلف نوعها ولونها عن آليات الجيش العربي ،
وإذ بتلك الدبابة تسير شرقآ مخترقة بلدة الشونة الجنوبية ، وقد وصلت إلى كوربة مخفية ، وفي هذه اللحظة شاهد بطلنا مدفعين عيار106م يتجهان باتجاه الشونه من وادي شعيب ، وهم يشاهدون الدبابة والمدفعين، اما الدبابة مازالت مختفية ولم يلحظوا المدفعين بعد ذلك والعكس فما ان اطلت الدبابة على الطريق واﻻ بالمدفع اﻻول يصدم بها، وهم بطلنا مسرعا من اجل يوقظ زملائه النائمين حتى تلك اللحظة ، ثم توقف لأنه خشي ان يكون حادث تصادم عادي، أما المدفع الثاني فقد توقف فرمته الدبابة بالرشاش، عندها أسرع يوقظ زملائه صائحآ قائلا :" اليهود وصلونا" !
ولو حاول ان يبلغ اي مسؤول فسوف يقوم اليهود بقتلهم قبل ان يبلغ ﻷن المسافة اقل من400 متر فسائق دبابته شغل الدبابة وتحرك للامام ، فقام بطلنا بالتسديد على الدبابة المعادية ، ورماها بأول طلقة مدفع دوت في تلك المعركة والتي استقرت بقلب اول دبابات العدو الغازية ، ثم قدره رب العزة ودمر للعدو دبابة ثانية.
وبسبب بطولته النادرة الفريدة ،قلد من لدن جلالة الملك حسين بن طلال" طيب الله ثراه" وسامآ رفيعآ تقديرآ لشجاعتي.
عشت بطلنا المغوار ابو أيمن وأكثر الله من امثالك فقد رفعت رؤوسنا عاليا ، وتحية لك ولكتيبتك البطلة وللجيش العربي.
عشت وعاش الوطن وقيادته الهاشمية الحرة الأبية.