العجارمة يتحدث عن حقوق أقارب الملك السياسية
نبأ الأردن - في إدراج له تحت عنوان "أقارب جلالة الملك وعضوية السلطة التشريعية- وجهة نظر قانونية"، تحدث وزير الدولة والرئيس الأسبق لديوان الراي والتشريع الدكتور نوفان العجارمة حول حقوق أقارب الملك وحقوقهم السياسية وانخراطهم بالأحزاب وعضوية السلطة التشريعية.
وتالياً ما خلص إليه العجارمة :
لقد حددت المادة (75) من الدستور الشروط الواجب توافرها في عضو السلطة التشريعية، وقد جاء مطلع المادة بالقول (لا يكون عضواً في مجلسي الاعيان والنواب): أ. من لم يكن اردنيا.ب. من كان محكوماً عليه بالإفلاس ولم يستعد اعتباره قانونياً.ج. من كان محجوراً عليه ولم يرفع الحجر عنه.د. من كان محكوماً عليه بالحبس مدة تزيد على سنة واحدة بجريمة غير سياسية ولم يعف عنه. هـ. من لم يكن كامل الأهلية.و. من كان من اقارب الملك في الدرجة التي تعين بقانون خاص.
وما يهمنا في هذا المقام هو حكم الفقرة (و) من تلك المادة والتي حظرت ومنعت أقارب جلالة الملك من عضوية مجلس الامة في الدرجة التي تعين بقانون خاص وبالرجوع الى احكام التشريعات الأردنية لم نجد نصاً يحظر على أقارب جلالة الملك من عضوية مجلس الامة، لان النص الدستوري يفترض صدور قانون خاص ويحدد هذا القانون درجة قرابة معينة لا يجوز لتلك الدرجة ان تكون عضواً في مجلسي الاعيان والنواب، ولكن هذا القانون لم يصدر حتى تاريخه، رغم نص قوانين الانتخاب على ذات الحكم وقد كان آخرها قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (4) لسنة 2022 والذي لم يحدد درجة قرابة معينة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هو المركز القانوني لأقرباء جلالة الملك في ظل غياب النص القانوني الذي يحظر عليهم عضوية مجلس الامة؟
ان أقرباء جلالة الملك مواطنون بالدرجة الأولى يتمتعون بكافة الحقوق التي كفلها الدستور، ومنها الحقوق المتعلقة بمباشرة الحقوق السياسية انتخباً وترشيحاً، وإذا اتجهت نية المشرع الدستوري تعليق مباشرة هذه الحقوق على شرط أو درجة قرابة معينة (تحدد بموجب قانون) ولكن المشرع العادي لم يصدر هذا القانون.
لابد هنا من رد الحق الى اصله واساسه، هو إباحة ممارسة هذه الحقوق من خلال إعمال النصوص القانونية وليس اهمالها، لان أقرباء جلالة الملك مدرجة اسماؤهم في جداول الناخبين ومسموح لهم الإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثليهم في مجلس النواب و مسموح لهم ايضاً الانخراط في الأحزاب السياسية، وبالتالي فان القول بحرمانهم من عضوية مجلس الأمة يخالف الدستور نصاً وروحاً وللأسباب التالية :
إن الأصل في النصوص الدستورية ، أنها تفسر بافتراض تكاملها باعتبار أن كلا منها لا ينعزل عن غيره، وإنما تجمعها تلك الوحدة العضوية التي تستخلص منها مراميها، ويتعين بالتالي التوفيق بينها، بما يزيل شبهة تعارضها ويكفل اتصال معانيها ومضامينها، وترابط توجهاتها وتساندها، ليكون ادعاء تماحيها لغواً، والقول بتآكلها بهتاناً؛ ومضمون الحقوق السياسية التي يثيرها هذا التساؤل، إنما يتحدد على ضوء اتصال هذه الحقوق بمبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه في المادة (22) من الدستور، وإعمال مبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه المادة (6) من الدستور .إن الدساتير الاردنية جميعها بدءاً بدستور سنة 1928، وانتهاءً بالدستور النافذ حالياً، رددت جميعها مبدأ المساواة أمام القانون وكفلت تطبيقه على المواطنين كافة باعتباره أساس العدل والحرية والسلم الاجتماعي ، كون الغاية التي يستهدفها تتمثل أصلاً في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، وأضحى هذا المبدأ - في جوهره - وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، بل يمتد مجال أعمالها كذلك، إلى تلك التي كفلها المشرع للمواطنين في حدود سلطته التقديرية ، وعلى ضوء ما يرتئيه محققاً للمصلحة العامة .لقد حظرت المادة (6) من الدستور التمييز بين المواطنين في أحوال بعينها، وهي تلك التي يقوم التمييز فيها على أساس العرق أو اللغة أو الدين، و إيراد الدستور لصور محددة بذاتها يكون التمييز فيها محظوراً مرده كون هذه الصور الأكثر شيوعاً في الحياة العملية، ولا يدل البتة على انحصاره فيها، إذ لو صح ذلك لكان التمييز بين المواطنين فيما عداها جائزاً دستورياً، وهو ما يناقض المساواة التي كفلها الدستور، ويحول دون إرساء أسسها، وبلوغ غاياتها. فمن صور التمييز التي أغفلتها المادة (6) من الدستور مثلا - ما لا يقل عن غيرها خطراً سواء من ناحية محتواها أو من جهة الآثار التي ترتبها- كالتمييز بين المواطنين في نطاق الحقوق التي يتمتعون بها، أو الحريات التي يمارسونها، لاعتبارات تعود الى مكان مولدهم أو مركزهم الاجتماعي، أو انتمائهم الطبقي، أو ميولهم الحزبية، أو نزعاتهم العرقية، أو عصبيتهم القبلية، أو إلى موقفهم من السلطة العامة، وغير ذلك من أشكال التمييز التي لا تقوم على أسس موضوعية.أن صور التمييز المخالفة للدستور- وإن تعذر حصرها- إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور أو القانون، وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها، وبوجه خاص على صعيد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغير ذلك من مظاهر الحياة العامة.لقد كفل الدستور لكل مواطن حق الاقتراع، وفقاً للشروط التي يحددها المشرع، ومن المستقر فقهاء وقضاءً أن حق المرشحين في الفوز بعضوية المجالس التي كفل الدستور والقانون صفتها التمثيلية كالترشح لعضوية مجلس النواب، لا ينفصل عن حق الناخبين في الإدلاء بأصواتهم لاختيار من يثقون فيه من بينهم، ذلك أن هذين الحقين مرتبطان، ويتبادلان التأثير فيما بينهما. ولا يجوز بالتالي أن تفرض على مباشرة أيهما تلك القيود التي لا تتصل بتكامل العملية الانتخابية وضمان مصداقيتها ، وتدفق الحقائق الموضوعية المتعلقة بها، بل يجب أن تتوافر لها بوجه عام أسس ضبطها، بما يصون حيدتها، ويحقق الفرص المتكافئة بين المتنافسين فيها، وبالتالي فان وضع أي قيد من شأنه حرمان فئة من المواطنين كونهم أقرباء للملك – وهذه ليست أسس موضوعية - من فرص الترشيح لعضوية مجلس النواب أو تقييدها فإنه يخالف أحكام الدستور ، لأن اثر هذا القيد هو إبعاد هؤلاء نهائياً عن العملية الانتخابية بأكملها، وحجبهم بالتالي عن الإسهام فيها وهو ما يقلص من دائرة الاختيار التي يتيحها المشرع للناخبين، لا سيما اذا كان المبعدون أجدر بالدفاع عن حقوقهم.واخيراً، لا يرد القول بوجود عرف (مسقط او سلبي) يتمثل بعدم تطبيق النصوص القانونية المتعلقة بهذا الحق وبالتالي سقوطها، كونه لم يتم تعيين أي شخص من أقرباء جلالة الملك في عضوية مجلس الاعيان او ترشحهم لعضوية مجلس النواب منذ صدور الدستور الحالي في عام 1952 وذلك للأسباب التالية:
أ. هذا القول يخالف شروط تحقق العرف: لأن من شروط العرف المشروعية أي ان ألا يكون قد نشأ مخالفا لنص قائم، فلا يمكن أن ينشأ عرف مخالف لقاعدة مكتوبة ، فإذا نص المشرع على العرف كمصدر رسمي للمشروعية في القانون المدني ، إلا أن هذا العرف لن يأتي من حيث تدرج "القواعد القانونية، إلا في المرتبة التالية بعد القواعد القانونية العادية فلا يجوز للعرف ان يخالف احكام القانون وفقا للمادة (2) من القانون المدني ولذلك فان محكمة العدل العليا تقرر بطلان القرار الإداري المستند إلى عرف مخالف للقانون حيث تقول ((..لا يجوز أن يحتج بالعرف الإداري لتعارض العرف مع النص الصريح في القانون، إن الاحتجاج بالعرف الإداري لتبرير توقيف المستدعين يخالف المادة الثامنة من الدستور التي تنص على أنه لا يجوز أن يوقف احد أو يحبس إلا وفق أحكام القانون، بمعنى أنه لا يجوز توقيف أحد بمقتضى العرف الإداري….))
ب. ان العرف الناشئ عن خطأ في فهم القانون لا يمكن التعويل عليه، ذلك أن الخطأ في فهم القانون لا يمكن أن ينشئ قاعدة قانونية واجبة التطبيق، وأن القاعدة القانونية تطبق وفقاً للفهم الصحيح لمضمونها.
ج. لا تملك السلطة العامة صلاحية إلغاء القانون – فرئيس الوزراء والوزراء مكلفون بتنفيذ احكام القانون- وبالتالي لا يجوز اهمال او اغفال او هجر تطبيق اي نص قانوني، فالمادة (5) من القانون المدني الأردني تقرر مبدأ عدم جواز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ، وهو نص يسرى على جميع فروع القانون .