اللواء المجالي: اختلال الظروف الاقتصادية والمجتمعية ساعد على انتشار وتعاطي المخدرات
نبا الاردن
اللواء المجالي: اختلال الظروف الاقتصادية والمجتمعية ساعد على انتشار وتعاطي المخدرات
بعد أحد عشر عاماً أمضاها في إدارة مكافحة المخدرات، لايزال اللواء المتقاعد، طايل المجالي، يحتفظ بتأكيده على أن "مشكلة انتشار وتعاطي المخدرات واحدة من أصعب المسائل التي تواجهها المملكة، لما تحمله من آثار تنعكس على صحة ورفاه الأفراد والأسر والمجتمعات".
والمجالي؛ المولود في مدينة الكرك عام 1957، ويحمل البكالوريوس في تخصص علم النفس، بدأ مسيرته العسكرية في جهاز الأمن عام 1981، وتنقل خلال سنوات عمله بين عدة مديريات أمنية، حتى وصل لمكافحة المخدرات برتبة ملازم أول- ضابط تحقيق، ثم رئيساً لقسم القضائية، إلى أن أصبح مديراً للإدارة، برتبة مقدم، واستمر فيها حتى حصوله على رتبة عميد.
يلاحظ المجالي، رئيس التحالف الوطني لتعزيز مكافحة المخدرات في الأردن، التابع لمنتدى قطاع العدالة، والمنبثق عن منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) ودرة المنال للتنمية والتدريب، أن "اختلال الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وعدم تكافؤ الفرص في الحصول على التعليم والرعاية الصحية والعمل، وارتفاع البطالة، تذهب بشبابنا لتعاطي المخدرات هرباً من الواقع".
وعن أسباب انتشار وتعاطي المخدرات، يعتقد المجالي أن السبب الأول يتمثل بـ"الفضولية" حيث ساهمت هذه الخصلة بشكل كبير، إلى انجرار الشباب نحو التعاطي، مبيناً في هذا السياق أن "التجربة الأولى" لبعض أنواع المخدرات كفيلة لأن تجعل منك مدمناً، وخصوصاً مادة "الهيروين".
السبب الثاني؛ كما وصفه "آباء وأمهات بالمراسلة"، ويقصد به انشغال الآباء والأمهات عن الأبناء، وعدم وجود علاقة تفاهم أو لغة حوار بينهم وبين أبنائهم. فغياب الرقابة البيتية، والتفكك الأسري أو غياب أحد أركان الأسرة، في ظل ازدياد نسب الطلاق، ينعكس على الأبناء سلباً ويودي بهم إلى التهلكة.
وبما يتعلق بجاهزية الأردن لمكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود، علق المجالي بالقول: "نحن في ظل إقليم ملتهب، ومن سوء حظنا أن الأردن في وسط هذا الإقليم، وبعض الدول المجاورة غاب عنها الأمن، وعندما يغيب الأمن يعيث الفاسدين خراباً، خصوصاً أنه لا يوجد حاجز طبيعي بين الأردن وهذه الدول، ما يسهل عمليات التهريب".
وذلك يتطلب بحسب المجالي، أن يكون هناك دور مميز وحازم لقوات حرس الحدود، لمنع دخول المخدرات إلى المملكة، وأن تتحول المكافحة إلى جهد وتعاون إقليمي، ودعم الأردن بالمعدات والاحتياجات الكافية لكي يقوم بواجبه.
وحول إذا ما أصبح الأردن مركزاً لزراعة المواد المخدرة، يقول المجالي: "في الهيئات الدولية المعنية بمكافحة المخدرات لم يطلق على الأردن بلد زراعة"، لكنه لا ينكر أن هناك صناعات بسيطة في المملكة (فردية) بقصد التجارة.
وفي مسألة تعاطي المخدرات؛ يؤكد المجالي افتقارنا للدراسات العلمية التي تبين نسبة تعاطي المخدرات في المملكة، مبيناً أن الفئة الأكثر تعاطياً للمخدرات هي للفئة العمرية من 20-30 عام وتشكل ما لا يقل عن 80% من الأشخاص المضبوطين، موضحاً أن أكثر المناطق التي فيها ضبط للمخدرات هي سحاب؛ والرمثا؛ واللبّن.
وعن حادثة الرشوة التي عرضت عليه خلال إدارته لإدارة مكافحة المخدرات؛ أوضح المجالي أنه عرض عليه رشوة بنحو مليون دينار، إلا أنه قام برفضها بشكل كامل. وفي تفاصيل القصة؛ ضبطت شاحنة بداخلها مبلغ مليون وسبعمائة وخمسين ألف دينار، ليتبين أن هذه الأموال تعود لشخص محكوم بالسجن 15 عاماً، كما أعترف وقتها سائق الشاحنة، لتتهافت بعد ذلك العروض على اللواء المجالي لإرجاع المبلغ المحجوز، لكنه رفض وأصر على إنفاذ القانون وتحويل المبلغ لخزينة الدولة.
وحول أكثر حادثة تأثر بها المجالي خلال مسيرته؛ يقول: "أثناء تحضير فريق المكافحة لضبط إحدى عمليات تهريب للمخدرات في منطقة الرويشد، والتي تزامنت وقتها مع عيد الأم، طلب مني ملازم يدعى أحمد السخني أن يزور والدته التي تقطن بالقرب من المنطقة التي سيجري بها ضبط المخدرات، ومن ثم الالتحاق بالفريق، فوافق المجالي، لكن حينما عاد السخني من زيارة والدته أصيب بطلقة رشاش من أحد المهربين وتوفي".
وفي معرض تعليقه على مشروع القانون المعدل لقانون المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 2021، يرى المجالي أن القانون بهذه الصيغة لا يقدم ردعاً حقيقاً للمتعاطين، وهو مع تسجيل "قيد مؤقت" بحق المتعاطي لأول مرة، يستمر لمدة سنة، شريطة تقدمه للعلاج النفسي والصحي، إلى أن يثبت بعد ذلك أنه تماثل للعلاج فيزال عنه القيد.
وهنا؛ يؤكد المجالي حاجتنا لقطاع عدالة قوي ومنصف وأكثر كفاءة، للتعامل مع الأزمات التي تواجه المجتمع، ليس في إطار مكافحة المخدرات فحسب، وإنما على مستوى قضايا العدالة والقوانين والأنظمة؛ معتبراً أن منتدى دعم قطاع العدالة الذي أسس عام 2017، له دور كبير في تطوير ومراقبة القوانين ومتابعتها بما يتلاءم مع احتياجات المجتمع.
وفي الختام؛ يوصي المجالي أن تكون قدراتنا أعلى من قدرات التجار ومهربي المخدرات، للسيطرة عليهم وضبطهم، مع أهمية أن يمتلك جهاز مكافحة المخدرات أدوات جديدة للتعامل مع الجيل الجديد، وتفعيل الدراما والفن في مسألة الوقاية من المخدرات، وتأهيل فريق مؤهل في جميع محافظات المملكة لتبينان وشرح خطورة المخدرات.