متخصصون: رجب من أشهر الله الحرم والترجيب من التعظيم
نبا الاردن
رزان المبيضين- تبادل ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة التهاني بحلول غرة شهر رجب، والذي أعلنه سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة في الثاني من شباط الحالي، باعتباره أحد الأشهر الحرم الأربعة، مذكرين بعضهم بانتهاز أيامه المباركة والسعي للصوم وعمل الصالحات، مستبشرين ومتشوقين لبلوغ شهر الصيام والقيام.
وبين سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن شهر رجب مأخوذ من الترجيب وهو التعظيم، وكان العرب يسمونه بالشهر الأصم لأنه لم يسمع فيه أصوات للحرب ولا قعقعة للسيوف حيث كان شهر رجب شهر الأمان والاطمئنان والسلام وكان موعدا لعقد الندوات والاجتماعات والأسواق العامة قديما، مثل السوق "حباشه" في تهامة، وسوق "صحار"، ولما جاء الإسلام أكد على حرمة هذه الأشهر وفضلها على سائر شهور السنة لقوله تعالى في سورة التوبة:"إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ".
وأضاف: كان العرب قبل الإسلام يتحرون الدعاء في شهر رجب على الظالم وكان غالبا يستجاب لهم، ومن تعظيمهم لهذا الشهر (ترجيب العتيرة) وهو ذبح شاة فيه.
أما في فضل الصوم فيه، ذكر الخصاونة قول النووي رحمه الله (لم يثبت في صوم رجب ندب ولا نهي بعينه، ولكن أصل الصوم مندوب لأنه طاعة يحبها الله ورسوله ولا سيما في الأشهر الحرم كما ورد في حديث مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صم من الحُرُم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها".
وأشار إلى أن السلف الصالح كانوا يعتبرون شهر رجب موسما للأعمال الصالحة فيكثرون فيه من الصيام والصلاة والذكر، ويتنافسون فيه على الخير والبر والإحسان. إلى ذلك قال الخبير اللغوي محمد خير بشتاوي إن شهر رجب هو الشهر السابع الهجري، وأحد الأشهر الأربعة الحرم، التي يُحَرَّمُ فيها القتال، وهي: ذو القِعْدة وذو الحِجَّة والمُحَرَّم ورجب.
وقال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة : رجب : الراء والجيم والباء أصلٌ يدل على دعم شيء بشيء وتقويته، ومن هذا الباب قيل: رجبت الشيء أي عظّمته، فسمي رجبا لأنهم كانوا يعظّمونه وقد عظمته الشريعة أيضا". وقال العلماء إن : رجب، جمعه أرجاب، ورجبانات، و أرجبه و أراجبه.
وبين بشتاوي ان كلمة رجب جاءت من الرجوب بمعنى التعظيم، ولعل السِّر في هذه التسمية هو ما كان يخصه العرب من تعظيم وتوقير لهذا الشهر، الذي يُسَمَّى رجب الحرام، ومن عدم الظُّلم فيه عَدَمُ القِتال، لتأمين الطّريق لزائري المَسجد الحرام. وسمي رجب بهذا الاسم لتعظيم العرب له في الجاهلية وامتناعهم عن القتال فيه، وتهيّبهم منه؛ لأنه من الأشهر الحرم في الجاهلية والإسلام، فقد كانوا يرجبونه ويعظمونه، فيقال: رَجَبْتُهُ ورَجّبْتُهُ ـ بالتخفيف والتشديد ـ إذا عظّمته، وسمي أيضا رجب الفرد أو فرد؛ لأنه منفرد أي غير متصل بالأشهر الحرم الأخرى (ذي القعدة وذي الحجة والمحرم).
كما سمي شهر رجب (رجب مضر) نسبة إلى (مضر)، وهي قبيلة كانت لا تغيره، وتوقعه في وقته وتزيد في تعظيمه واحترامه، بخلاف باقي العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون في الشهور بحسب حالة الحرب عندهم وهو النسيء المذكور في قوله تعالى: " إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا [التوبة:37]".
وكان رجب يسمى عند قبيلة ثمود (هَوبل) وعند بقية العرب العاربة (أحلك)، وله عدة أسماء أخرى، ومنها "منزع الأسنة، ومُنفس، ومُظهر، ومُعلي، والمقيم ، والأصم، والأصب، ورجم، فصل الآل، وشهر العتيرة، المبرئ، المقشقش.
وعن تعظيم بعض الأزمان والأماكن قال بشتاوي: إن الله سبحانه وتعالى فضل بعض الشهور على بعض، وفضل بعض الأماكن على بعض، ولكن لا يثبت فضلٌ لزمان ولا لمكان إلا بدليل قطعي ولا بد من التثبت من ذلك حتى لا يُكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأنه تنبغي مراعاة حرمة هذه الأشهر لما خصها الله به من المنزلة والحذر من الوقوع في المعاصي والآثام تقديرا لما لها من حرمة، إذ تعظم المعاصي فيها بسبب شرف الزمان الذي حرّمه الله، قال ابن عباس: «وجعل الذنب فيهنّ أعظم، والعمل الصّالح والأجر أعظم»، وأضاف: في الأشهر الحرم وغيرها من الأشهر على الإنسان أن يبتعد عن ظلمِه لإخوانِه بالاعتداءِ عليهم وسفكِ دمائِهم، أو أكلِ أموالِهم وحقوقِهم، أو الولوغِ في أعراضِهم، ونهشِ لحومِهم، وتتبّعِ عوراتِهم، وإفشاءِ أسرارِهم، وإلحاقِ الأذى بهم. --(بترا)