حنين عبيدات تكتب : تضيع البشر بسبب البشر

{title}
نبأ الأردن -

مسلسل للكاتب و الروائي الفذ د. ممدوح حمادة، الذي يكتب النصوص السياسية الساخرة و الكوميدية الإجتماعية الهادفة ، و معظم المسلسلات التي قامت على أعماله النصية نجحت نجاحا باهرا و دخلت إلى بيت كل عربي و تخلدت في ذهنه، و كان من ضمن أعماله المسلسل العبقري " ضيعة ضايعة" و الذي يمثل بقعة من الأرض في الساحل السوري " اللاذقية" وتحديدا في منطقة كسب و يتكلم سكانها بلهجتها تقريبا، وتمثل هذه البقعة مجموعة من الناس يعيشون على أرضها و يعتاشون من الزراعة و الأرض ، مبتعدين عن التكنولوجيا و ما يرتبط بها، حياتهم بسيطة و " عالبركة" و مشاكلهم الكبيرة لا تتعدى سوء فهم لدينا، لذلك نجد أنفسنا نضحك كثيرا عليها و على كيفية حلها لأننا نراها بسيطة جدا ،.
و قد جسد المسلسل عددا من الممثلين السوريين و كل دور من أدوارهم مرسوم لهم، و كأن هذه البقعة جمعت جميع الشخصيات الموجودة في كل مجتمع و لكن ببساطة متناهية ، فجودة أبو خميس( باسم ياخور) و الذي أبدع في إتقان اللهجة و تقمص الدور بحرفية متناهية فكانت شخصيته ذلك الحسود الذي يفكر في إيذاء جاره غيرة منه و لا يحب له الخير،. و يمثل أيضا دور الرجل الظالم على زوجته ، و أسعد خرشوف ( المرحوم نضال سيجري) والذي مثل دور الشخصية الطيبة و المحظوظة إلى حد ما بسبب النية الصافية، و المحب لجاره و الشهم في الوقوف معه، و ديبة ( تولاي هارون) زوجة جودة و التي تتحمل منه الكثير لأنه زوجها و ليس لديها أهل ليحموها، و بديعة ( آمال سعد) و التي تمثل شخصية زوجة أسعد و لديها شخصية أقوى من شخصيته و تحاول تقويته و لكن طيبته تطغى، و منهم مدير المخفر و كتيب التقارير و المختار و ( السلنغو) فادي صبيح العاشق، و صاحب الدكان و المهرب العدواني من ضيعة أخرى ( محمد حماقي) و غيرهم من منظومة حياة كاملة لا ينقصها شيء.
في الحلقة الأخيرة من المسلسل، جاء المهرب و دفن علب دهان فيها مادة نووية تحت الأرض و نتيجة سذاجة و بساطة سكان هذه البقعة اعتقدوا أنها دهانا وأرادوا مباغتة ( أبو شملة) معتقدين أنهم قد حققوا انتصارا عليه فأخذوا العلب و دهنوا فيها بيوتهم و إذ هي مادة نووية سامة ستقتلهم اختناقا، بعدما ظهرت عليهم أعراض ذلك، المحزن في القصة أن جميع من تألموا تيقنوا أنهم سيموتون، فبدأوا بمسامحة بعض، و المختار وافق أخيرا أن يزوج ابنته لسلنغو، و ديبة بقيت تحنن على زوجها الظالم، و رئيس المخفر كان يتمنى جريمة تحدث ليحصل على الفوز بحل لغزها أمام الدولة و لكن جاءته قضية لتقتله ، و كيف بين ( محمد حداقي) شخصيته التي قبضت الأموال مقابل النووي الذي سيقتل الكثير و بالنهاية يأتي ليعتذر بكل بساطة كمجرمي الحروب لدينا عندما يخرجوا بتصريحات اعتذار لقتلهم الأطفال بالكيماوي و النووي .





في نهاية المسلسل كان هناك بنودا اجتماعية و سياسية هامة ، فالبشر لا يتعظوا و لا يتراجعوا عن اخطاءهم إلا عند الموت، فكم من بشر ندموا على ظلم غيرهم وقد أصبحوا تحت التراب، لما الذعر والخوف والحسد والحقد و الظلم و بالنهاية مصيركم واحد و هو الموت، تماما كمصير أم الطنافس الذي جاءها العدو من مكان واحد ليبيدها و هي لا تعلم.
أما الناحية السياسية فكثيرون من وجدوا أنفسهم بلعبة سياسية دون إدراك فوقعوا ضحيتها ظلما، تماما كأم الطنافس عندما أقيمت عليها عقوبات دولية ظنا من العالم أن لديها نووي و تعمل به بطرق غير سليمة، و الحقيقة أن النووي جاء من شخص مهرب مؤذي من ضيعة أخرى ( أي منهم و فيهم) كي يقتلهم، هذا يعني مؤامرة داخلية لإرضاء العالم الخارجي





حنين عبيدات


تابعوا نبأ الأردن على