العجارمة: لا علاقة لكلمة (الاردنيات) بالتجنيس

{title}
نبأ الأردن -

نبأ الأردن- قال الاوزير الاسبق الدكتور نوفان العجارمة إن إضافة كلمة (الأردنيات) الى عنوان الفصل الثاني من الدستور بحيث أصبح العنوان (حقوق الأردنيين والأردنيات وواجباتهم) حمّل أكثر مما يحتمل وان الزوبعة التي أثيرت بشأنه لا أساس لها.





وأكد العجارمة في منشور له عبر فيسبوك، إن لا علاقة لهذا النص او الإضافة بموضوع التجنس او غيرها من الإسقاطات السياسية الأخرى، وهذه الإضافة مجرد رسالة حسن نوايا تجاه المرأة من قبل المشرع الدستوري الأردني.





وتاليا ما كتبه:





المساواة بين الجنسين في الدستور الأردني – وجهة نظر قانونية.





لقد أثارت إضافة كلمة (الأردنيات) الى عنوان الفصل الثاني من الدستور بحيث أصبح العنوان (حقوق الأردنيين والأردنيات وواجباتهم) جدلاً عاصفاً بين مؤيدٍ ومعارضٍ ولكل منهم ما يدعيه ، واجد ان النص حمّل أكثر مما يحتمل وان الزوبعة التي أثيرت بشأنه لا أساس لها ، و لا علاقة لهذا النص او الإضافة بموضوع التجنس او غيرها من الإسقاطات السياسية الأخرى ، وهذه الإضافة مجرد رسالة حسن نوايا تجاه المرأة من قبل المشرع الدستوري الأردني.





وقبل الحديث عن التأصيل الدستوري لهذا الامر، أجد من الضروري إلقاء الضوء على كيفية تعاطي المجتمع مع حقوق المرأة بشكل عام والحقوق ذات الطابع السياسي بشكل خاص، وبعد ذلك نتناول مفهوم مبدأ المساواة وأبعاد الواردة في المادة (6) من الدستور الأردنية لسنة 1952 وفق التفصيل التالي:





اولاً: ان قضية حقوق المرأة تتحدد نتيجة تفاعل أربعة عوامل: العامل الأول قانوني : والذي يتمثل بالنصوص القانونية التي تسوي أو تفرق بين الرجل والمرأة في الحقوق و الواجبات، و العامل الثاني قضائي ويتمثل بموقف القضاء من السلطة التقديرية للإدارة بشأن التفرقة ما بين الرجل والمرأة في تولي المناصب العامة ومدى إقراره أو تقييده لهذه السلطة ووضع الضوابط لها وتقول المحكمة الإدارية العليا المصرية بهذا الخصوص (( لا مشاحة في أن المبادئ العليا للدستور تقضى بمساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات .





ومن حيث إن مقتضى هذه المساواة عند تطبيقها على الوظيفة والأعمال العامة هو عدم جواز حرمان المرأة على وجه قطعي من تولي هذه الوظائف والأعمال العامة وإلا كان في ذلك تعارض مع مبدأ المساواة وإخلال بهذا المبدأ الجوهري من المبادئ العليا للدستور. ومن حيث إن ذلك يقتضي أن يترك للإدارة سلطة التقدير فيما إذا كانت المرأة بالنسبة إلى منصب معين أو إلى وظيفة بالذات قد انتهت بها مدارج التطور إلى حد الصلاحية لتولي هذا المنصب أو هذه الوظيفة. فإن رأت الإدارة أن المرأة قد قطعت هذا الشوط واستوفت أسباب الصلاحية، كان للإدارة بل عليها أن تفتح للمرأة الباب الذي تفتحه للرجل ودون أي إخلال بالمساواة فيما بينهما. وقد ظهرت صلاحية المرأة في العصر الذي نحن فيه لمناصب وأعمال كثيرة منها الطب والتمريض والتعليم … بل إن المرأة تؤثر على الرجل في بعض هذه الأعمال لما تتميز به من صفات خاصة، وإيثارها على الرجل في هذه النواحي من النشاط لا يعد إخلالاً بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة . وللإدارة أيضا أن تقدر في غير تعسف ما إذا كان الوقت لم يحن بسبب بعض الاعتبارات الاجتماعية إلى أن تتولى المرأة بعض المناصب والوظائف العامة ، والإدارة وهي في ذلك تترخص بمقتضى سلطتها التقديرية في وزن الملابسات التي تحيط بهذه الأعمال ، مستهدية في ذلك بظروف البيئة وما تفرضه التقاليد من أوضاع وحدود، ولا معقب على الإدارة في هذا التقدير ما دامت تلتزم فيه وبه المصلحة العامة . كما للإدارة أن تقدر ما إذا كان الوقت قد حان لقيام المرأة ببعض الواجبات العامة كالخدمة العسكرية متى تنوعت ضروب هذه الخدمة بحيث تصبح المرأة صالحة لبعضها.) حكمها الصادر بتاريخ 2/6/1979 ، في الدعوى رقم 317 ، السنة القضائية 20 ، (الدائرة الأولى بمجلس الدولة)).





والعامل الثالث عامل اجتماعي سياسي يتمثل بمدى تهيؤ المجتمع وتقبله اجتماعياً وسياسياً لحقوق المرأة بصفة عامة وشغلها للمناصب ذات الطابع السياسي بشكل خاص، وعدم أفضلية الرجل على المرأة بصفة خاصة.





والعامل الرابع هو العامل الديني: فالحديث عن أهلية المرأة بشكل عام وحقوقها ذات الطابع السياسي ومدى إباحة ذلك لها أسوة بالرجل، يمر- من وجهة النظر الإسلامية- عبر حقيقتين: الحقيقة الأولى: إن المرأة والرجل متحدان في النوع البشري، والمرأة مخاطبة بما يخاطب به الرجل، ويباح لها ما يباح له، إلا ما استثني شرعاً. وبذلك فهما – أي الرجل والمرأة- سواء على وجه الإجمال في الحكم الشرعي القائم على أساس ملكة التفكير ومناط التكليف، وصفة المسؤولية والحقيقة الثانية: تتمثل بكون المرأة صنف مختلف عن الرجل، والاختلاف بالصنف يؤدي إلى الاختلاف بالغايات والأهداف، فهي الأنثى إلى جانب الرجل، وهذه صفة المرأة الخاصة، ويرتب على هذه الصفة الخاصة، أسلوب خاص في التطبيق التفصيلي للقواعد والأحكام التي شرعها الله للجنس البشري.





والملاحظ إن العاملين الأخيرين قد يجعلا من النصوص القانونية والأحكام القضائية مجرد هياكل بلا روح، عندما يسبق التطور القانوني في المجتمع التطور الاجتماعي والسياسي عندها تغدو النصوص القانونية، بلا شرعية اجتماعية، وعندها تفقد قيمتها الفعلية.





ثانياً: المفهوم الدستوري للمساواة: ان إضافة كلمة (الاردنيات) الى عنوان الفصل الثاني من الدستور لن يحقق المساواة المطلقة بين الجنسين، لاسيما فيما يتعلق بقضية منح المرأة الجنسية لأبنائها ، لأن مبدأ المساواة في الأصل هو نسبي وليس مطلق وللاسباب التالية:





لقد أخذ المشرع الدستوري الأردني مبكرا بمفهوم مبدأ المساواة، حيث نصت المادة (5) من القانون الأساسي للمملكة الأردنية الهاشمية لسنة 1928 على (( لا فرق في الحقوق أمام القانون بين الأردنيين ولو اختلفوا في العرق والدين واللغة )) وقد أكد المشرع الدستوري على هذا المبدأ مجددا في الدستور الحالي لسنة 1952 حيث تنص المادة (6/1) منه على ((الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين ))، فالمشرع الدستوري الأردني صاغ المساواة من ناحية قانونية خالصة، وفكرتها تدور حول أن يكون جميع أفراد المجتمع إزاء القانون في مركز واحد دون تفرقه أو استثناء سواء كان هذا القانون يقرر منفعة(المساواة في المنافع العامة) أو يفرض التزاما ( المساواة في تحمل التكاليف العامة) والمساواة تعني أن يكون القانون عاماً عمومية مطلقة حتى ينطبق على جميع أفراد المجتمع دون استثناء، ولما كان من العسير أن يكون جميع أفراد المجتمع في مركز واحد حتى يكون القانون واحد بالنسبة للجميع ، لذلك قيل بأنه يمكن الاكتفاء بالمساواة النسبية التي تنطبق على مجموعة من أفراد المجتمع التي تتوافر الشروط التي يتطلبها القانون .إن مبدأ المساواة أمام القانون يهدف الى حماية حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، وهو بذلك يعد وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر تطبيقها على الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في الدستور، بل يمتد مجال إعمالها إلى الحقوق التي يقررها القانون العادي ويكون مصدراً لها، ومن ثم فلا يجوز للقانون أن يقيم تمييزاً غير مبرر تتنافر به المراكز القانونية التي تتماثل في عناصرها .، وعليه، لا يجوز أن تخل السلطتان التشريعية أو التنفيذية في مباشرتهما لاختصاصاتهما التي نص عليها الدستور، بالحماية القانونية المتكافئة للحقوق جميعها، سواء التي نص عليها الدستور أو التي حددها القانون، ومن ثم كان هذا المبدأ عاصماً من النصوص القانونية التي يُقيم بها المشرع تمييزاً غير مبرر تتنافر به المراكز القانونية التي تتماثل عناصرها إما مجاوزة باتساعها أوضاع هذه المراكز أو قاصرة بمداها عن استيعابها.أن إيراد الدستور في المادة (6) لصور بعينها يكون التمييز محظوراً (التمييز بين المواطنين في الأحوال بينتها تلك المادة والتي يقوم التمييز فيها على أساس من العرق والدين واللغة) فيها مرده أنها الأكثر شيوعاً في الحياة العملية ولا يدل البتة على انحصاره فيها دون غيرها، إذ لو صح ذلك، لكان التمييز بين المواطنين فيما عداها جائزاً دستورياً، وهو ما يناقض المساواة التي كفلها الدستور ويحول دون تحقيق الأغراض التي قصد إليها من إرسائها. وآية ذلك أن من صور التمييز التي أغفلتها المادة (6) من الدستور ما لا تقل في أهميتها – من ناحية محتواها وخطورة الآثار المرتبة عليها – عن تلك التي عينتها بصريح نصها؛ كالتمييز بين المواطنين – في مجال الحقوق التي يتمتعون بها وفقاً لأحكام الدستور أو في نطاق حرياتهم التي يمارسونها.ان الأصل في نصوص الدستور تساندها واتفاقها مع بعضها البعض في صون القيم والمثل العليا التي احتضنها الدستور. ولا يتصور بالتالي تعارضها أو تنافرها، ولا علو بعضها على بعض، بل تجمعها تلك الوحدة العضوية التي تقيم من بنيانها نسيجاً متضافراً يحول دون تهادمها. فالنصوص الدستورية يجب أن تفسر بالنظر إليها باعتبارها وحدة واحدة يكمل بعضها بعضاً، بحيث لا يفسر أي نص منها بمعزل عن النصوص الأخرى ، بل يجب أن يكون تفسيره متسانداً بما يقيم بينها التوافق والنأي بها عن التعارض، فالأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجا متآلفا مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لا يعزلها عن بعضها البعض، وإنما يقيم منها في مجموعها ذلك البنيان الذي يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوَم لدعم مصالحها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يجوز بالتالي أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ، أو باعتبارها قيما مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي. لذلك لا يجوز لنا أن نفرد حكماً لنص المادة (6/1) من الدستور وبشكل يعزلها عن باقي نصوص الدستور لاسيما المادة (5) ومنه والتي تنص على(الجنسية الأردنية تحدد بقانون.).إن مبدأ المساواة أمام القانون، ليس مبدأً تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العملية، ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها، ولا كافلاً لتلك الدقة الحسابية التي تقتضيها موازين العدل المطلق بين الأشياء، فهذا المبدأ يجيز للدولة أن تتخذ بنفسها ما تراه ملائماً من التدابير، لتنظيم موضوع محدد أو توقياً لشر تقدر ضرورة رده، وكان دفعها للضرر العام بالضرر الخاص لازماً، ويتعين أن يكون موقفها اعتدالا في مجال تعاملها مع المواطنين، فلا تمايز بينهم إملاء أو عسفاً. ومن الجائز أن تغاير السلطة التشريعية -ووفقا لمقاييس منطقية - بين مراكز لا تتحد معطياتها، من خلال تنظيم قانوني يقيم تقسيماً تشريعياً ترتبط فيه النصوص القانونية التي يضمها، بالأغراض المشروعة التي يتوخاها.وعليه، وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية مالم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وحيث عهد الدستور الى السلطة التشريعية بتنظيم موضوع الجنسية بقانون ، فإن القواعد القانونية التي تصدر عن المشرع في هذا النطاق، هي من تحدد شروط الجنسية وطرق اكتسابها ، ولا يجوز أن تنفصل النصوص القانونية الناظمة لموضوع الجنسية عن أهدافها ، بل يجب أن تكون هذه النصوص مدخلاً إليها وموطئاً لإشباع مصلحة عامة ، فكل تنظيم تشريعي لا يصدر عن فراغ ، ولا يعتبر مقصوداً لذاته بل مرماه إنفاذ أغراض بعينها يتوخاها ، تعكس مشروعيتها إطار المصلحة العامة التي أقام المشرع عليها هذا التنظيم باعتباره أداة تحقيقها ، وطريق الوصول إليها .
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير