نبأ الأردن – هلا النقرش
بشكل مفاجئ، خرجت الأنباء عن اتفاق سعودي إيراني باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والمفاجأة الأكبر كانت بتأكيد رعاية الصين لهذا الاتفاق الذي يعتبر تاريخياً بكل المقاييس.
الاتفاق أشعل الحيرة بين المحللين السياسيين، فيما دخل خبراء الاقتصاد، والطاقة تحديداً، على الخط، وباتت كثير من الأسئلة تطرح نفسها على مجمل المشهد.
من باب، هل طوى هذا الاتفاق ملف الخلاف بين البلدين، وإلى الأبد، وهو الخلاف الذي كان يوصف بأنه كسر عظم بعد أن كانت هناك حروب “غير مباشرة”، مشتعلة بين الطرفين وفي أكثر من ساحة.
ومن باب آخر، ما مدى تأثير هكذا اتفاق على امدادات الطاقة والنفط بالعالم، وهل هو انعكاس ايجابي أم سلبي.
وفوق كل هذا، فإن السؤال الأكبر يدور حول حقيقة تغير شكل التحالفات السياسية في منطقة الشرق الأوسط تحديداً، وهل تراجع دور الولايات المتحدة، وتصدرت الصين المشهد، وهل يأتي هذا في سياق الحرب الصامتة بين الشرق والغرب، وعلى صدى أصوات المعارك التي تدور رحاها في العالم ليس آخرها حرب أوكرانيا التي يبدو أنها حيّدت الدب الروسي، ولو مرحلياً، عما يدور، وما هو مصير كل القضايا العالقة بين إيران ودول الخليج العربي، والتي، بشكلٍ أو بآخر، ليست بمعزل عن التأثر بهذا الاتفاق ولو لم تذكر في تفاصيله، علنا.
وفي هذا الشأن يقول الكاتب والمحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات إن إيران تمارس عملية تهدئة حتى تقطع على إسرائيل أي مشاركة حقيقة من قبل دول الخليج العربي بهجومها المتوقع على إيران، وبالتالي إيران تقدم تنازل محدود لمصلحة استراتيجيتها بعيدة المدى لبقاء برنامجها النووي وهي خطة تريد منها تهدئة روع دول الخليج العربي حول البرنامج النووي.
وأضاف الحوارات لموقع نبأ الأردن تاتخباري أن إيران تعتبر قوة نووية، أما بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية فهي تريد أن تقوم بخطوة استباقية بنفس الاتجاه في مواجهة أي هجوم أمريكي إسرائيلي بالدرجة الأولى على إيران، وتخرج نفسها من لعبة الصراع هذه،موضحاً عدم خوض منطقة الخليج العربي في حرب مع إيران وهذا أمر مهم بالنسبة للمملكة العربية السعودية لأن الولايات المتحدة الأمريكية تخلت عنها في أكثر من موقف فالخطر المباشر على دول الخليج بنفسها لأنها هي الأقرب إلى إيران وصواريخها.
وأعتقد أن المصالحة حتى الآن لن تتناول المخاوف الاستراتيجي لدول الخليج العربي في إيران وهي أولاً برنامج صاروخي إيراني قوي عابر ويستطيع أن يصل إلى اغلب العواصم الخليجية، وبرنامج طائرات بدون طيار وبأعداد كبيرة يستطيع أن يسبب خراباً واسعاً في دول المنطقة، عدا عن البرنامج النووي والسلوك الإيراني التوسعي والذي ابتداء من العام ١٩٧٩م ويتحدث عن نشأة الثورة وإحلالها محل “الأنظمة الفاسدة “.
وأوضح الحوارات أن إيران تتسلح بصواريخ وأسلحة روسية شديدة التطور، وبالتالي عناصر الخلاف العميق مابين السعودية وإيران لا تزال حاضرة في مكانها ولا تتزحزح قيد إنبلاء إنما ما يحصل هو عملية تهدئة مرحلية للوصول لاحقاً إلى تفاهمات حول القضايا ولكن هذا تحتاج إلى زمن أطول، وطرف ضامن حقيقي لعدم تدعى إيران وانسحابها من الساحات التي شتتتها خلال المرة الماضية، معتقداً أنها عملية تهدئة تكتيكية بين الطرفين لعدم الانخراط في حرب إقليمية ربما تشعل شرارتها إسرائيل في المرحلة المقبلة.
وأشار إلى أن هذه الخطوة كبيرة وواسعة في المنطقة للوصول إلى مصالحة سعودية إيرانية والمهم والخطير انها توجت في الصين بعد سنوات من اللقاءات في بغداد وعُمان فالصين استطاعت أن تلتقط اللحظة النهائية في هذه المصالحة، وبالتالي حازت على مكانة استراتيجية في المنطقة وهي مقدرتها على صناعة الوئام بين الدول المتخاصمة والصين تعتبر رابح كبير وهي تعتمد في استراتيجيتها على استمرار تدفق مصادر الطاقة إليها.
وبينّ الحوارات أن الصين تلجأ إلى السياسة الأمريكية السابقة في الاعتماد على المملكة العربية السعودية وإيران في سياسة العامودين السابقة من جهة، والمنطقة قد تكون كاسب أيضا لأنه أغلب الصراعات في المنطقة كانت بنتيجة هذا التوتر، مبيناً أن إيران كانت تقف موقف المعادي للمملكة العربية السعودية، يمكن أن تهدأ هذه الملفات في المرحلة المقبلة.
ومن جانبه قال عميد كلية العلوم السياسية في جامعة آل البيت الأستاذ الدكتور هاني أخو رشيدة إن الاتفاق الثلاثي لعودة العلاقات الدبلوماسية والطبيعية بين المملكة العربية السعودية وإيران برعاية الصين هي جزء من متغيرات دولية فرضتها الأوضاع الإقليمية والدولية قبل جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية ومحاولة أمريكا الهيمنة على العالم بطريقة أقرب ما تكون إلى محاولة فرض الواقع.
وأضاف أخو رشيدة لموقع نبأ الأردن أن هذه الظروف أدت إلى حلحلت الوضع في منطقة الشرق الأوسط وهناك دولتين إقليميتين هي المملكة العربية السعودية وإيران وكلاهما عبارة عن ركائز للنظام الإقليمي خاصة مع تراجع دول كثير من مكانتها الإقليمية، فالسعودية الان بصدد استعادت دورها الإقليمي وإيران أيضا بحاجة أن تخرج من عزلتها ولا مجال الا من خلال السعودية وأيضا كلا الدولتين بحاجة إلى استقرار إقليمي.
وبينَّ أن حلحلت المشاكل ستؤدي إلى اشتباك إيجابي وان السعودية وإيران تلعبان دوراً في مسألة الاستقرار الإقليمي الذي سيعود بالخير على المنطقة خاصة بعد الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا والتعويل على أمريكا ليس قدر مشكلة وهي دولة عظمى ولها دور ولكن أين دورها في حماية الفلسطينين؟ لذلك دائماً العلاقات الدولية تقوم على مصالح.
وأوضح أخو رشيدة أن الصين الآن بلد فرضت كل شيء بأجندتها الواضحة وعدم الخوض في صراعات جانبية فهي تقود الدفة بكل ثقة لتصل إلى ما تريد الوصول إليه وهذه هي السياسة الصينية الهادئة التي بدأت منذ الثمانينات ما بعد الثورة الثقافية إلى الآن لتتوائم مع الأحداث والتطورات.
المحلل والخبير الاقتصادي هاشم عقل قال إن مصالحة السعودية وإيران لم تظهر ردات فعل قوية في أسواق النفط، ومن المتوقع أن تسهم في تخفيف التأثيرات التي تضرب الأسواق نتيجة التوتر بين البلدين.
وأضاف عقل لموقع نبأ الأردن الإخباري أن الصراع الأمني الإقليمي في المنطقة هو ما جعل السعودية وإيران تحاولون وضع علاقاتهما في نصابها الصحيح، معتقدا أن البلدين وصلا لقناعة مشتركة، باعتبار الصين دولة كبيرة تربطها علاقات اقتصادية مع السعودية ودول الخليج وهي أكبر شريك اقتصادي لإيران وهناك اتفاقيات طويلة الاجل .
وأشار عقل إلى عودة العلاقات السعودية الإيرانية التي ستناقش جميع الملفات العالقة وأهمها أمن الخليج وأمن الطاقة، موضحاً أن المصالح المشتركة والبعد الامني فرض نفسه بقوة خاصة في حال دخول ايران في حرب مع إسرائيل او الولايات المتحدة او مجتمعتين تجنباً لاي محاولة لتخريب المنشات النفطية.